سأطرح خمس أسئلة افتراضيّة على المرحوم الخوئي وأجيب عنها وفقاً لمبانيه المنشورة في تراثه الفقهي والأصولي والرجالي، آملاً أن يشاركني الأخوة الأعزّاء في قناعاتهم وتصوّراتهم؛ لنركّز الثقافة الشيعيّة على أساس صحيح، ونقطع الطريق أمام الهلوسة الحوزويّة الجديدة التي تريد أن تسوّق مفهوم مصلحة المذهب على أساس الخرافة والفوضى والتسطيح، وإنّما اخترت الخوئي لأنّ مبانيه الرجاليّة والفقهيّة هي السّائدة في حوزة النجف الكريمة دون منازع.
#حينما تسأل المرحوم الخوئي هذا السؤال: ما هي الشروط التي تشترطها لكي تحكم باستحباب فعل من الأفعال؟ يجيبك بوضوح: إنّ الاستحباب حكم شرعي كبقيّة الأحكام الشرعيّة الأخرى، يحتاج بطبيعة الحال إلى دليل وحجّة شرعيّة.
#وحينما تسأله ثانيةً: إذا كان سند الخبر ضعيفاً فهل يمكن أن يكون حجّة شرعيّة وبالتّالي نثبت عن طريقه استحباب الفعل؟ يجيبك بوضوح أيضاً: كلّا لا يمكن ذلك؛ فالخبر الضعيف ليس بحجّة شرعيّة.
#وحينما تسأله ثالثة: ألا يمكن الاستناد إلى قاعدة التسامح في أدلّة الُسنن المعروفة لديكم لإثبات استحباب هذا الفعل، بمعنى: حتّى لو كان الخبر الّذي دلّ على الفعل ضعيفاً فيمكن عن طريق دليل التّسامح أن نثبت استحبابه؟ سيجيبك بجواب أوضح من السابق: إنّ قاعدة التّسامح غير ثابتة عندي على الإطلاق.
#وحينما تسأله رابعة: هل ثبت عندك استحباب زيارة الأربعين بخصوصها؟ يجيبك أيضاً: إن الأدلّة التي يُستند إليها عادة لإثبات استحباب زيارة الأربعين ضعيفة وفقاً للمباني الرجاليّة والأصوليّة التي اختارها، وبالتّالي فلا يمكن أن تكون حجّة شرعيّة لكي نتمكّن من اثبات استحبابها على أساسها، نعم يمكن للإنسان أن يأتي بهذه الزيارة برجاء أن يتقبّلها الله منه ويجزل له الثواب، خصوصاً وإن زيارة الحسين “ع” قد ثبت استحبابها عندي في كلّ الأوقات، ولكن هذا شيء آخر ليس له علاقة بجواب سؤالك.
#وحينما تسأله خامسة: إذا اتّفقت الجماعة الشيعيّة في هذه الأيّام على اتّخاذ أيّام مخصوصة لأداء زيارة الحسين “ع”، فهل سيكون هذا الاتّفاق حجّة شرعيّة لإثبات استحباب لخصوص هذا اليوم؟ سيكون جوابه: كلّا؛ فلم يثبت عندي إنّ اتّفاق المتشرّعة في أعصارنا على فعلٍ من الأفعال يدلّ على استنادهم على حجّة شرعيّة تامّة عندي تصلح للإفتاء بالاستحباب، إلّا أن يثبت إن مثل هذه السيرة متّصلة بزمن المعصوم، ولم يثبت ذلك عندي بل ربّما ثبت عكسه أيضاً.
#أقول: نسأل الله تعالى أن يوفّق المؤمنين إلى زيارة الحسين “ع” في كلّ الأوقات والأزمان، وأن يقيّض لهم رجالاً يحملون قلوباً كزبر الحديد، لا تأخذهم في الله لومة لائم، يأخذون بأيديهم نحو الوعي الصحيح لتعاليم أهل البيت “ع” وسيرتهم وسلوكهم وأفعالهم، والادراك الصحيح لاحتياجاتهم في زمن تسابق الأمم نحو الرقيّ والتقدّم، بعيداً عن الانخراط في ثقافة التجهيل والتسطيح التي تروّج لها بعض العمائم المنتفعة من هنا أو هناك، والله الهادي إلى سبيل الصواب.