#روى الكليني بإسناده الموثّق عندهم عن زرارة عن أستاذه محمد بن عليّ الباقر “ع” القول: «مرّ رجل من أهل البصرة شيبانيّ يُقال له عبد الملك بن حرملة على عليّ بن الحسين [السجّاد] ع فقال له عليّ بن الحسين [السجّاد] “ع”: أ لك أخت؟ قال [الشّيباني]: نعم، قال: فتزوّجنيها؟ قال: نعم، قال: فمضى الرجل [الشّيباني] وتبعه رجل من أصحاب علي بن الحسين “ع” حتّى انتهى إلى منزله فسأل عنه [أي عن الشّيباني] فقيل له: فلان بن فلان، وهو سيّد قومه. ثمّ رجع إلى علي بن الحسين “ع”، فقال له: يا أبا الحسن سألت عن صهرك هذا الشيباني فزعموا أنّه سيّد قومه، فقال له علي بن الحسين “ع”: إنّي لأبديك يا فلان عمّا أرى وعمّا أسمع، أما علمت أن الله تعالى رفع بالإسلام الخسيسة وأتمّ به الناقصة وأكرم به من اللؤم، فلا لؤم على مسلم، إنما اللؤم لؤم الجاهلية». [الكافي: ج5، ص334].
#ولي على هذه الرّواية الظّريفة تعليقات:
#الأوّل: يبدو إنّ الرّواية المعتبرة أعلاه تُشير إلى حقيقة تاريخيّة عندهم أوردت تفاصيلها بأسانيد وكتب أخرى؛ حيث روي عن أبي جعفر الباقر “ع” القول: «نظر أبي إلى امرأة في بعض مشاعر مكّة فرأى منها ما أعجب به من حسن خلق فسأل عنها هل لها زوج؟ فقيل لا، فخطبها إلى نفسها فتزوّجته فدخل بها ولم يسأل عن حسبها، وكان رجل من الأنصار يتّصل به، فلمّا سمع بذلك شقّ عليه كراهة أن تكون غير ذات حسب فيقول الناس في ذلك، فلم يزل [السجّاد “ع”] يسأل عن حسبها حتّى وقف على خبرها، فوجدها من أهل بيت شيبانية من بنى ذى الجدّين…إلخ» [دعائم الإسلام: ج2، ص198؛ كتاب الزّهد: ص59]
#الثّاني: لا اعتقد إنّ المجتمع الشّيعي الإثني عشري يتقبّل خطبة أمرأة بهذه الطّريقة في أزماننا لا من قبل مرجع تقليد أعلى فحسب بل من قبل إنسان عاديّ أيضاً، هذا فضلاً عن المجتمع العشائري الّذي يتعامل بطريقته الخاصّة مع أمثال هذه الظّواهر، لكن يبدو من خلال هذه الرّواية المعتبرة عندهم إنّ هذا الأمر عاديّ ومقبول ومستساغ في تلك المرحلة دون حراجة، لكن هل يصلح مثل هذا الفعل الّذي مارسه السّجاد “ع” للإفتاء باستحباب مثل هذا العمل بشكل مطلق أم إنّه راجع إلى الظّروف الاجتماعيّة ومواضعاتها، وتفصيل ذلك عائد إلى نظريّة المعرفة الدّينيّة الّتي يختارها الباحث في هذا الخصوص.
#الثّالث: أدرج المرحوم الحرّ العاملي الرّواية في باب حمل عنوان: «باب أنّه يجوز للرّجل الشّريف الجليل القدر أن يتزوّج امرأة دونه حسباً ونسباً وشرفاً حتّى الأمة بل يستحبّ له ذلك»، وهذا الّلون من المرويّات والعناوين الطّبقيّة التّبريريّة تأتي في سياق الأزمة الّتي ولّدتها شروط انطباق الإمامة على السجّاد “ع” حيث إنّ والدته كما هو المشهور شاه زنان بنت يزدجرد.
#الرّابع: يبدو إنّ عليّ بن الحسين السجّاد “ع” لم يكن مشغولاً بالبكاء والعبادة طيلة حياته بعد واقعة كربلاء كما هي الصّورة المرسومة عنه ببركة الموروث المنبري المعاصر، وإلّا فمن يخطب أمرأة بهذه الطّريقة لا اعتقد إنّه ترك وظائفه اليوميّة والحياتيّة والاجتماعيّة ورغباته الجسمانيّة المشروعة، وهذا يعني: إنّ الصّورة النّمطيّة السجّاديّة المرسومة في أذهاننا عنه “ع” ليست بهذه الافراطيّة المثاليّة، فتدبّر والله من وراء القصد.
#الإمامة_الإثنا_عشريّة
#ميثاق_العسر