حينما يستعبد الفقهاء مقلِّديهم!!

24 أكتوبر 2016
1630
ميثاق العسر

سُئل المرحوم الخوئي (1899ـ1992م) يوماً هذا السؤال: من قلّد مجتهداً يُفتي بإجزاء الأغسال المستحبّة عن الوضوء، ثمّ مات هذا المجتهد، فقلّد المكلَّف مجتهداً حيّاً يُفتي بعدم إجزاء الأغسال المستحبّة عن الوضوء، فما هو حكم صلاته التي صلّاها سابقاً، وهل يجب عليه إعادتها باعتبار وقوعها بلا طهور وفقاً لفتوى مرجعه الجديد؟! #أجاب الخوئي بدم بارد: يجب […]


سُئل المرحوم الخوئي (1899ـ1992م) يوماً هذا السؤال: من قلّد مجتهداً يُفتي بإجزاء الأغسال المستحبّة عن الوضوء، ثمّ مات هذا المجتهد، فقلّد المكلَّف مجتهداً حيّاً يُفتي بعدم إجزاء الأغسال المستحبّة عن الوضوء، فما هو حكم صلاته التي صلّاها سابقاً، وهل يجب عليه إعادتها باعتبار وقوعها بلا طهور وفقاً لفتوى مرجعه الجديد؟!
#أجاب الخوئي بدم بارد: يجب عليه إعادة جميع الصلوات التي صلّاها بذلك الغسل المستحب؛ إن لم يبق على تقليد ذلك المرجع الميّت في هذا المسألة بفتوى المرجع الحيّ، والله العالم!!! [صراط النجاة: ج3، ص49].
#ولا مشكلة إلى هذه الّلحظة مع هذا الاستعباد الذي يصرّ على تكريس ظاهرة التقليد والمرجعيّة واستمراريّتها، لكن دعونا نرجع سويّة إلى فتاوى السيّد الخوئي في بداية مرجعيّته؛ إذ ذهب “رحمه الله” هناك إلى ما يلي:
#إن غسل زيارة المعصوم من قريب أو بعيد مستحبّ وبالتالي فهو مجزئ عن الوضوء، وبعد سنوات عدل سماحته عن هذا الموضوع لأسباب قد تكون رجاليّة؛ فحكم بعدم استحباب مثل هذا الغسل، ومن ثمّ فلا يجزئ عن الوضوء، وحينما سئل سماحته: ماذا نصنع مع تلك الصلوات التي صلّينها بذلك الغسل، وماذا نفعل إذا قصد الإنسان من خلال هذا الغسل الإجزاء عن غسل الجنابة أيضاً، فهل يعني إن جميع صلواته ستكون باطلة؟!
#قدّم الخوئي لهم حلّاً يمثّل قمّة الاستعباد أيضاً فقال: يمكن لكم أن تقلّدوا مرجعاً يفتي باستحباب غسل زيارة المعصوم، وبعد ذلك أرجعوا إليّ في مسألة إجزاء الغسل المستحب عن الوضوء للصلاة، وعليه: فلا يجب عليكم قضاء الصلوات السابقة!!
#أقول: ليس لديّ تعليق على مثل هذه الفتاوى؛ إذ هي نتاج طبيعي لفنّ الصناعة الفقهيّة التي تُدرّس في الحوزات العلميّة منذ مئات السنين، ومن يُتقن هذه الصناعة وأدواتها يعتبرونه مجتهداً!!، لكن سؤالي الذي أبحث عن إجابة له منذ فترة طويلة: إلى متى تستعبدون الناس بهذه الطريقة؟! وهل احرزتم رضا الإمام بذلك؟!


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...