#بعد أن حسم الشّاه محمد رضا البهلوي أمر المرجعيّة العليا وصرّح علناً باعترافه بمرجعيّة المرحوم محسن الحكيم؛ حيث أبرق تعزية رحيل البروجردي إلى الأخير ممّا يعني الاعتراف بخلافته رسميّاً وإغلاق باب النّقاش والجدل حول هذا الموضوع، فقد تولّدت إثر ذلك ردود أفعال سلبيّة جدّاً تجاه المرحوم الحكيم في حوزة قم؛ إذ فُهم ذلك على إنّه تنسيق وتعاون بين المبرِق والمبرَق له، كما وثّقنا ذلك في منشورات سابقة، وتحدّث عنه كلّ من كتب عن تلك المرحلة بوضوح.
#وكيف ما كان وبعد هذه الحادثة بعام تقريباً، أي في الثّاني عشر من آيار “1962م” خطب المرحوم الخميني من على منبر المسجد الأعظم في مدينة قم الإيرانيّة على جمع من طلّاب الحوزة العلميّة آنذاك، وكان حديثه يدور حول المآسي الّتي تعرّضت لها حوزة قم بعد رحيل البروجردي وانتقال المرجعيّة المدبّر بليل من قبل الشّاه محمد رضا البهلوي إلى النّجف، وأفاد في شرحه لهذا المخطّط القديم على حوزة قم قائلاً:
#وسأوضحّ لكم أنّ هذا الأمر ليس وليد الأشهر الأخيرة، وإنّما هو ممتد الجذور يعود إلى سنوات طويلة خلت، إن لم نقل: إنه يعود إلى نيّف وأربعين سنة مضت، فهو في الأقل يعود إلى عشرين سنة خلت؛ حيث كانوا يخططون لتدمير قم؛ ففي حياة المرحوم السيد البروجردي كانت خططهم أيضاً القضاء عليه وعلى قم، فهم يرون أن قم تضرّ بمصالحهم؛ فقم معقل الحقّ، وجنود إبليس يرون أنّ جنود الحقّ يقفون حائلًا دون تحقيق مآربهم، ففي حياته ـ يعني البروجردي ـ وصفوه بتعابير لا أتمكن من ذكرها من على هذا المنبر حالياً، فالخطة موجودة منذ ذلك الوقت، والأجانب كانوا يخططون للقضاء على قم؛ كي نفعل ما يحلو لنا دون أن يواجهنا أحد، أو يتكلم، أو ينبس ببنت شفة، أو يجادل أو يعترض.
#واذا سلّمنا بأن خطتهم ـ والكلام لازال للمرحوم الخميني ـ تعود إلى نيف وأربعين سنة خلت، فسنفهم طبيعة مساعيهم، غاية ما في الأمر أنّهم كانوا يرون القيام بأيّ عمل في حياة السيد البروجردي سيفسد الأمور، لذا بادروا فور انتقاله إلى جوار رحمة ربّه إلى تدمير هذا المركز الديني بذريعة إجلالهم لمركز ديني آخر وهو النجف الاشرف، لا لأنّهم كانوا يكنّون حبّاً لذلك المركز، فهم لا يكنون أدنى إحساس بالحب لأيّ مركز من المراكز الدينية، لم يكن الأمر حبّاً بالنجف، وإنّما بغضاً لقم؛ فقم مزعجة لهم، وهي قريبة منهم تدرك المفاسد سريعاً، وتُفْتَضحُ فيها أعمالهم بسرعة أيضاً، كانوا يبغضون قم، إلّا أنهم لم يتمكنوا من التصريح بالقول: لا لقم، وإنّما كانوا يقولون: نعم للنجف، نعم لمشهد، لم يكن في قم ما يلفت الإنتباه [ويشير بذلك إلى كلمة الشّاه المعروفة: “لا أرى في قم شخصاً بمستوى المرجعيّة”]، إلّا أنّهم بعد ذلك أدركوا أنّ ثمّة أشياء كثيرة تلفت النظر في قم، بل تفقأ العين، وتُلجم الفمّ وتصكُّ الأسماع… أدركوا أنّ قم ليست كما توهموا، فوضعوا منذ ذلك الوقت خطّة لتدمير العلماء، ثم تدمير الإسلام، ثمّ تحقيق مصالح إسرائيل وعملائها».[صحيفة الإمام: ج1، ص208].
#مرجعيّات .