هناك إشكال معروف ومشهور ومستحكم حول حقّانيّة خمس أرباح المكاسب المعروف والمتداول بين الشيعة، وخلاصته: إذا كان خمس أرباح المكاسب مشرّعاً في القرآن فلماذا لم يبادر النبيّ الأكرم “ص”إلى أخذه من النّاس، ولماذا لم يبادر أحد الخلفاء الثلاثة الذين جاؤوا بعده لذلك أيضاً، ولماذا لم يبادر علي والحسن والحسين والسجّاد “ع” كذلك، حتّى وصل الأمر إلى زمن الصادقين “ع” فبدأ تداول للنصوص الآمرة بدفعه ليتحوّل بعد ذلك إلى ظاهرة شيعيّة مستحكمة… .
#وقد أجاب المرحوم الخوئي “١٨٩٩-١٩٩٢م” عن هذا الإشكال بطرح فكرة: “تدريجيّة الأحكام”؛ وإن المشرّع الإسلامي بيّن وطبّق أحكامه وفقاً لهذه الفكرة التي تقتضي – بطبيعة الحال – مراعاة الظروف الموضوعيّة في بيانها وتطبيقها، وقد أودع الله الدليل على هذا الخمس في عموم مفردة الغنيمة!! لكن يبدو إن الظروف الموضوعيّة لتقبّل فكرة دفع “٢٠٪” من أرباح تجارات النّاس وفاضل مؤونتهم…لم تكن متوافرة لأكثر من قرن ونيّف، الأمر الذي أجبر المشرّع تأجيل تداولها وإخفائها كلّ هذه الفترة بغية أن تُعطي هذه الفريضة أُكلها!!
#أقول: إذا كان جبّار السماوات والأرض لم يطرح هذه الفريضة الشيعيّة واكتفى بإشارات مجملة لحين توافر الفرصة المناسبة والظروف الموضوعيّة لذلك بغية أن تُعطي ثمرتها المرادة وتستحكم كما يقول المرحوم الخوئي وجُلّ تلاميذه!! فعلينا أن لا نتوقّع من عباده الأذلّاء المساكين البسطاء العزّل الذين لا حول لهم ولا قوّة أن يوضّحوا أفكارهم ومشاريعهم بجرّة قلم واحدة، وقبل توافر ظروفها الموضوعيّة التي تحتاج – بطبيعة الحال – إلى مجموعة مقدمات.