#ثمّة مفردات تداولتها النّصوص الروائيّة يُراد من خلالها الإشارة إلى تميّز أهل البيت “ع” عن غيرهم في العلم والمدد المعرفي، وأوضحها: مفردات الجفر والجامعة الّتي جاء في نصوص صحيحة صريحة عندهم، سنحاول أن نطلّ على هاتين المفردتين برؤية عصريّة من خلال الصورة القصصيّة التّالية:
تصوّر لو إنّك أنت الّذي تعيش في القرن الواحد والعشرين حصلت لديك فرصة التّشرف بلقاء الإمام جعفر بن محمد الصّادق “ع” والاستفسار منه عن معنى الجّفر والجّامعة الواردة في نصوصهم الرّوائيّة ؛ لكي تضع حدّاً للانفلات الّلا متناهي الّذي يعيشه ذهنك الحالي بسبب التّفسيرات الشّيعيّة المتطرّفة لهذه المفردات، فقلت له سيّدي ما معنى الجفر؟! أجابك الإمام: «جلد ثور مملوء علماً» [الكافي: ج1، ص241].
#لنفترض إنّك هضمت الإجابة وعرفت معناها، وعرفت من خلالها أيضاً تميّز الإمام عن غيره بها؛ فجلد الثّور يعني صحائف كتبت بها علوم توارثوها عن آبائهم عن جدّهم النبيّ محمد “ص”، فسألته بعد ذلك سيّدي فما معنى الجّامعة؟!
أجابك الإمام: «تلك صحيفة طولها سبعون ذراعاً في عرض الأديم مثل فخذ الفالج؛ فيها كلّ ما يحتاجه النّاس، وليس من قضيّة إلّا وهي فيها حتّى أرش الخدش» [الكافي: ج1، ص241].
#استلمت هاتين الإجابتين في تفسير معنى الجّفر والجّامعة ورجعت بعد هذا الّلقاء إلى حيث ما أنت فيه الآن من التطوّر والتكنولوجيا والتقدّم والانتشار والاتّساع، فقلت بينك وبين نفسك: لو كان الإمام يعلم إنّي أعيش في هذا العصر هل سيجيبني بنفس الّلغة وبنفس الخطاب؟! وهل إنّ هذا الخطاب موجّه لي أصلاً؟! وهل يمكن أن يحتوي جلد الثّور البسيط الّذي ذكره الإمام على رؤوس المسائل الفقهيّة والعقائديّة المعاصرة فضلاً عن تفاصيلها المعقدّة والمطوّلة والّتي تحتاج إلى آلاف الجّلود؟!
#ما أردنا قوله من خلال هذا الاستعراض البسيط: إنّ هذه النّصوص الرّوائيّة والمفردات المستخدمة فيها تكشف بوضوح عن كونها تتعاطى لغة زمانها الّذي ولدت فيه وبواقعيّة أيضاً، ولا تحمل نظرة استشرافيّة للمستقبل أصلاً لكي تشتغل المكائن الكلاميّة والفلسفيّة والعرفانيّة لتطبيق نظريّاتهم عليها وتفسيق وتقليل إيمان من لا يعتقد بتفسيراتهم لها، وإنّ مهمّ ما أرادهم الأئمّة “ع” من ذلك هو قطع الطّريق أمام المدعيات المذهبيّة الكثيرة في عصرهم، والّتي أرادت أن تفتح لنفسها دكّاناً للّعب بدين النّاس وإيصالهم إلى غير طريق الحقّ، فأخبروهم بأنّ ما نذكره هو حقّ قراح وصلنا من جدّنا محمد “ص” وأبينا علي “ع” وهذا سنده وطريقه.