تأمّلات في روايات ولادة الحسين “ع”!!

8 فبراير 2017
1299
ميثاق العسر

#روى الصّدوق بإسناده صحيحاً عن أبي عبد الله الصّادق “ع” القول: لما حملت فاطمة “ع” بالحسين قال لها رسول الله “ص” إنّ الله وهب لك غلاماً اسمه الحسين تقتله أمّتي، فقالت له: لا حاجة لي فيه!! فقال لها “ص”: إنّ الله عزّ وجلّ قد وعدني فيه وعداً، فقالت له: وما وعدك؟ فقال: أن يجعل الإمامة […]


#روى الصّدوق بإسناده صحيحاً عن أبي عبد الله الصّادق “ع” القول: لما حملت فاطمة “ع” بالحسين قال لها رسول الله “ص” إنّ الله وهب لك غلاماً اسمه الحسين تقتله أمّتي، فقالت له: لا حاجة لي فيه!! فقال لها “ص”: إنّ الله عزّ وجلّ قد وعدني فيه وعداً، فقالت له: وما وعدك؟ فقال: أن يجعل الإمامة من بعده في ولده، فقالت: رضيت !! [كمال الدّين: ج2، ص416].
#وروى ابن قولوليه بإسناده صحيحاً عن أبي عبد الله الصّادق “ع” القول: إنّ جبرائيل أتى رسول الله “ص” والحسين يلعب بين يديه، فأخبره أنّ أمّته ستقتله، فجزع رسول الله “ص”، فقال له جبرائيل: ألا أريك التّربة الّتي يقتل فيها؟ فخسف ما بين مجلس رسول الله “ص” إلى المكان الّذي قتل فيه حتّى التقت القطعتان فأخذ منها ودحيت في أسرع من طرفة عين، فخرج وهو يقول: طوبى لك من تربة وطوبى لمن يُقتل حولك…إلخ !! [كامل الزّيارات: ص59].
#أقول: لنا على هاتين الّروايتين الصّحيحتين بعض التعليقات:
#الأوّل: إذا كان الرّسول “ص” قد أبلغ ابنته فاطمة “ع” بأنّ الحسين “ع” سيُقتل وهي في بداية حملها به كما نصّت الصحيحة الأولى، فما هو الدّاعي لأن يخبره جبرائيل مرّة ثانية ويجزع رسول الله “ص” مرّة أخرى كما في الصّحيحة الثّانية؟!
#الثّاني: إنّ خسف الأرض السّريع الّذي حصل بين المدينة وكربلاء يستلزم أن يُخسف معه أهل الأرض أيضاً، ولو حصل ذلك لنقل إلينا لاهمّيته كما أشار لذلك بعض المحقّقين، الّلهم إلّا أن يكون هذا الخسف بشكل غير مرئي ولا مادّي لم يره سوى الرّسول وجبرائيل “ع” وهو خلاف ظاهر الّرواية، أو يمكن أن يكون ذلك الخسف مختصّ بأماكن ليس فيها ناس كثير كما احتمل بعضهم وهو خلاف ظاهرها أيضاً.
#الثّالث: روى الصّدوق بإسناد معتبر رواية طويلة عن السّجّاد “ع” حدّثته بها اسماء بنت عميس جاء فيها: إنّها كانت هي القابلة في ولادة الحسن والحسين “ع”، وحينما ولد الحسين “ع” دفعته إلى رسول الله “ص”فأذّن وأقام في أذنيه وبكى مخبراً إيّاها بأنّ الفئة الباغية ستقتله بعده، وطلب منها في نفس الوقت: أن لا تُخبر فاطمة بذلك باعتبارها قريبة عهد بولادته. [عيون أخبار الرّضا ع: ج2، ص26] فإذا كان الأمر كذلك فكيف أخبرها “ص” بذلك في بداية الحمل كما روى الصّدوق نفسه في الصحيحة الأولى؟!
#وبالمناسبة: إنّ اسماء بنت عميس هاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة قبل هجرة الرّسول “ص”، ولم ترجع إلى المدينة إلّا في سنة سبعة من الهجرة، وكانت ولادة الحسين “ع” قبل ذلك بثلاث سنوات على أقل تقدير، ولا أدري كيف كانت القابلة وهي في الحبشة، ومن هنا احتمل بعض المحقّقين أن تكون المتحدّثة أسماء الأنصاريّة لا بنت عميس كما هو شائع.
#أقول: ما ذكرناه أعلاه هو تجلّ بسيط جدّاً من الاضطرابات الواردة في خصوص ولادة الحسين “ع” والبشارة بمقتله، وسبب هذه الاضطرابات في قناعتي هو تملّك هذه النّصوص على حصانة سنديّة وحصانة منبريّة عاشورائيّة أيضاً تجعلها في دائرة المحرّمات، وما لم يُعاد النّظر في هذه النّصوص وكتبها ورواتها بموضوعيّة وتجرّد مذهبي سيتمرّد علينا الجّيل القادم بجرأته وعقلانيّته وعولمته شئنا أم أبينا، ولعل تباشير هذا التّمرّد بدأت تظهر بقوّة في العقود والسنوات الأخيرة وستزداد حتماً، وتكمن خطورتها إنّها ستستقطب كثيراً من الصقور والحمائم في الحوزة العلميّة بكلّ أصنافها من #تقليديّة إلى #شريفة ومن #ناطقة إلى #صامتة، وفقاً للاصطلاحات الّتي يحلو للبعض تداولها، والله من وراء القصد.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...