تأمّلات في حيرة زرارة بن أعين!!

#يبدو إنّ الإمامة بنسختها الشّيعيّة المتداولة وعرضها العريض لم تكن واضحة وجليّة على الإطلاق في خُلد عموم شيعة الصّادق “ع” لا بل في خُلد خُلّص أصحابه “ع” أيضاً، وفي سياق التّأكيد على هذه الفكرة وتعميقها ذكرنا فيما تقدّم من مقالات حيرة أسماء لامعة من أصحاب الصّادق “ع” من قبيل محمد بن مسلم وهشام بن سالم ومؤمن الطّاق وأضرابهم، وحرصنا قدر الإمكان أن نبتعد عن ذكر الحيرة العجيبة الغريبة الّتي مرّ بها الفقيه الكبير زرارة بن أعين في معرفة الإمام الّذي يلي الصّادق “ع” ؛ وذلك لأنّي أعلم إنّ المتابعين لهذه المقالات وجملة من المتربّصين أيضاً سينقلون لي رواية صحيحة السّند عندهم ذكرها الصّدوق في كمال ديّنه وعيون أخباره تؤكّد خلاف ذلك، وحيث إنّني لا أعدّ هذه الرّواية صحيحة وأضعها في سياق أدلّة ما بعد الوقوع الّتي نُسجت في القرن الرّابع الهجري قرّرت عدم التّعرّض لذلك في تلك الفترة حتّى تحصل الفرصة لشرح المبنى الرّجالي المختار والّذي أسقطنا على أساسه الرّواية عن الاعتبار، وقد آن الآوان للوفاء بذلك ولكن: أجد من الضّروري أن أبيّن حيرة زرارة أوّلاً، وأعطف الحديث في مقال لاحق إلى عرض رواية الصّدوق المفسّرة للحيرة وبيان سبب عدم معقوليّتها وفقاً للمنهج المختار.
#أمّا حيرة زرارة فقد تناقلتها روايات عدّة وفيها الصّحيح السّند أيضاً، ومفادها: إنّ زرارة بعث ابنه عبيد الله إلى المدينة ليعرف من هو الإمام بعد الصّادق “ع”، وهل هو ولده موسى الكاظم “ع” أم عبد الله المُلقّب بالأفطح بعد ذلك، لكنّ المنيّة حضرت زرارة ولم يرجع ابنه عبيد الله «فأخذ المصحف فأعلاه فوق رأسه، وقال: إنّ الإمام بعد جعفر بن محمد [الصّادق] “ع” من اسمه بين الدفتين في جملة القرآن منصوص عليه، من الذين أوجب الله طاعتهم على خلقه، أنا مؤمن به»، وهناك صيغ أخرى لما قرأه زرارة حين الوفاة تحتاج إلى تحليل آخر. [رجال الكشّي: ص372].
#وهكذا مات زرارة قبل أن يأتي ابنه عبيد الله وقبل أن يعرف إمام زمانه أيضاً، وهذا الأمر لم يكن مُقلقاً بالنّسبة للمنهج المختار في تفسير حقيقة الإمامة، وإنّما يُعدّ مقلقاً جدّاً لأصحاب المنهج القائل بأنّ اسماء أهل البيت “ع” موجودة في لوح أهبطه الله على نبيّه “ص” فدفعه إلى فاطمة “ع” فيه اسماء الأئمة من ولد الحسين “ع” والنصّ على إمامتهم إلى آخرهم بصريح المقال، وعليه: فكيف يعقل أن يموت شخص مثل زرارة بن أعين الّذي يتّكأ الفقه الشّيعيّ على مرويّاته وهو يجهل هذا الأمر…؟! تابعونا لنرى التّوجيهات ونرى الحقيقة أيضاً.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...