#أجمع فقهاء المسلمين شيعة وسُنّة [تقريباً] على حرمة الصّدقة على بني هاشم؛ استناداً إلى النّصوص الرّوائيّة الّتي ادّعى بعضهم تواترها الإجمالي حول هذا الموضوع، وقد علّل بعضها هذا الحكم بسبب إنّ الصّدقة أوساخ النّاس، وقد أكرم الله بني هاشم عنها!!
#وقد حاول المرحوم الخوئي أن يركن إلى هذه النّصوص لبيان عدم اختصاص آية الخمس المعروفة بغنائم دار الحرب وشمولها لكلّ فائدة وربح، وقبل أن أعرض لبيانه “رحمه الله” وجدت من المناسب الإشارة إلى وجهة نظرنا الّتي نراها في تفسير هذه النّصوص بنحو الإشارة العاجلة فنقول:
#لا شكّ لدينا في صدور مثل هذه النّصوص الّتي لا يمكن لأحد إنكارها، لكنّا نشكّك بقوّة في وجود إطلاق أزمانيّ لها يشمل جميع فقراء السّادة ومساكينهم من لحظة التّشريع النبويّة وحتّى قيام يوم الدّين، بل نعتقد إنّها نصوص #تأريخيّة أوجبتها ظروف ومواضعات شبه الجّزيرة العربيّة ونظام القبيلة فيها، وتختصّ ببداية مرحلة الرّسالة وما يقرب منها من أيّام التشريع وبيان الأحكام؛ لأنّهم كانوا في مقام القيادة والزّعامة، ومن يكون في هذا المقام فليس من المناسب أن يعتاش هو وأقرباؤه على صدقات النّاس وعطاياهم الّتي أجبروا على دفعها؛ لذا أمّن لهم الشّارع المقدّس احتياجاتهم من خلال خمس الغنائم الحربيّة والّتي لا تحمل طابع المنّ والتفضّل الّذي تحمله الصّدقات أو الزّكوات في العادة، أمّا اليوم وقد اختلفت الأدوار والوظائف بالنسبة لبني هاشم بعرضهم العريض، وفقد أغلبهم مثل ذلك بل مارس بعضهم خلاف توجّهات الرّسالة منذ البداية، وانتهى عصر الغنائم الحربيّة بمفهومها السّابق، فلا معنى لاستمراريّة التعّميم في مثل هذا الحكم على الإطلاق، ولا بدّ من الرّجوع إلى العمومات الفوقانيّة القرآنيّة.
#بيان ذلك: إنّ مقتضى العمومات والإطلاقات القرآنيّة الواردة في أدلّة الزّكاة هي إنّ الزّكاة لمطلق الفقراء والمساكين وأبناء السّبيل…وغيرهم من مصارف الزّكاة الأخرى من دون تخصيصهم أو تقييدهم بغير الهاشمي، وهذا التّخصيص والتقييد جاء من السُنّة، وما لم نوفّق في إبراز دليل أو قرينة تدلّ على العموم والإطلاق الأزماني في هذه المخصّصات والمقيّدات فسوف تبقى تلك العمومات والإطلاقات على حالها، نقول ذلك لمجموعة من الأسباب منها:
#الأوّل: الرّواية المعتبرة الّتي رواها المشايخ الثلاثة في الكافي والفقيه والتّهذيب بأسنادهم عن أبي خديجة سالم بن مكرّم الجّمال عن الصّادق “ع” حيث قال: «أعطوا الزّكاة من أرادها من بني هاشم؛ فإنّها تحلّ لهم، وإنّما تحرم على النبيّ “ص” وعلى الإمام الّذي يليه وعلى الأئمّة “صلوات الله عليهم أجمعين”» [الكافي: ج4، ص59؛ الفقيه: ج2، ص37؛ التّهذيب: ج4، ص60].
وحيث إنّ الفقهاء مسكونون بذلك الفهم المشهوري لنصوص حرمة الزّكاة على بني هاشم اضطر بعضهم إلى تأويلها تأويلاً يتنافى تمام التّنافي مع ظهورها، واضطر آخرون إلى طرحها وردّ علمها إلى أهلها، أمّا نحن الّذين نؤمن بأنّ الأصل في النّصوص الروائيّة ـ وحتّى بعض النبويّة على تفصيل سيأتي في محلّه ـ إنّها لا تحمل إطلاقاً أزمانيّاً إلّا إذا دلّ الدّليل على ذلك ففي حلّ من جميع هذه الوجوه، ونرى إنّ هذه الرواية تقدّم تفسيراً معقولاً للمعنى المراد من تلك الرّوايات المستفيضة أو المتواترة إجمالاً لا إنّها تعارضها.
#الثّاني: من خلال النّصوص الرّوائيّة الّتي جوّزت الصّدقات المستحبّة لبني هاشم، ومن خلال النّصوص الرّوائيّة الّتي جوّزت صدقة بني هاشم على بعضهم البعض، من خلال هذه النّصوص نستكشف إنّ الحرمة لا تحمل ملاكاً تعبّديّاً صرفاً غير محدّد المعالم، بل تعود إلى طبيعة الإذلال الّذي تحمله الصّدقات الواجبة خصوصاً وقد كانت تؤخذ بالقوّة من بعضهم ويتمنّع كثيرون من دفعها.
#الثّالث: نحن لا نتعقّل من شريعة ملئت نصوصها تأكيداً على العدالة والمساواة والابتعاد عن المحاباة أن تكرّس لدائميّة مثل هذا الحكم الّذي تفضي استمراريّته لا محالة إلى تميز عنصريّ طبقي يميّز فئة خاصّة من المجتمع عن غيرها حتّى قيام يوم الدّين كما هو حاصل للأسف الشّديد، مع إنّ نصوصها تصدح بالقول: إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم.
#وهناك تفاصيل أكثر وأدلّة أوفر ترتبط بطريقة التّعاطي مع هذه المسألة وفقاً لمنهجنا الاجتهادي تركناها إلى الدّراسات التّخصّصيّة، والله الموفّق والهادي إلى سبيل الصّواب.
#الخمس_الشّيعي .