الفهم والسّياق السّليم لنسخة القرآن الواصلة!!

نسخة القرآن الواصلة عبارة عن: أصوات قرآنيّة متناثرة متفرّقة كانت تصدر من فم الرّسول كردود أفعال على الحوادث الّتي يواجهها غالباً، ولهذا تجدها تحثّ على العفو والصّفح والرّحمة أحياناً، وعلى القتال وقطـ.ع الرّقاب وأخذ الجزية أحياناً أخرى، وهي أصوات طبيعيّة جدّاً إذا ما موضعناها في سياق الأفعال البشريّة وردودها في فترة نيّفت على العشرين سنة من الرّسالة، وظروفها المكيّة والمدنيّة، والّتي تتطلّب مواقفاً مختلفة بطبيعة الحال.

وتموت القناة الموصلة أو المصدّرة لهذه الأصوات وهي الرّسول دون أن تُبادر لجمعها وكتابتها بنفسها أو تحت إشرافها المباشر كتابيّاً قطّ، وإنّما تأتّى ذلك إثر بدعة واقتراح طرحه عمر بن الخطّاب بعد ذلك وسعى جاهداً لإقناع أبي بكر وزيد بن ثابت به، وهكذا حتّى تمّ جمع القرآن وتدوينه وفق آليّات بدائيّة جدّاً كيفما اتّفق، وأحرقت جميع الأصوات القرآنيّة المكتوبة عند الصّحابة وفقاً لتلقّيهم وسماعهم ممّن لم يتمّ تسليمها أو لم توفّق لاجتياز الآليّات المقرّرة، وصار الخليفة عثمان ومستشاروه بصدد توحيد نسخة المصحف وتوزيعها على الأمصار على تفصيل وتطوّرات ليس هنا محلّ ذكرها.

أقول: ليس من المعقول أن نتعامل مع هذه الأصوات القرآنيّة الّتي رافقت قناتها الحصريّة الموصلة أو المصدّرة ـ وهي الرّسول ـ في وهداتها وربواتها ومسيرتها وعنايتها وسلمها وحربها…إلخ بطريقة اجتزائيّة مبتسرة، ونأخذ آيات أيّام الضّعف والصّفح ونغلّبها على آيات أيّام القوّة والحزم انسياقاً مع ورديّتنا ومثاليّتنا وشاعريّتنا وتخيّلاتنا عن طبيعة الله الإسلامي، ورسوله وصحابته والأئمّة من ولده، أقول ليس من المعقول ذلك: ونترك سيرة هذه القناة البشريّة على الأرض وتمدّداتها، وتوسّع سلطتها ونفوذها، وغزواتها وسبيها وقهرها وفرض إتاواتها، وما قامت عليه سيرة أصحابها من بعدها، وما جاءت به نصوص الأئمّة وفتاوى الفقهاء حتّى اليوم إثرها، فمثل هذا العمل ينطلق من كبرى فاسدة جدّاً تُريد أن تسقط تصوّراتها المثاليّة عن الله الإسلاميّ ورسوله على نسخة القرآن الواصلة وتميّع الحقائق الجزميّة المتّفق عليها وفقها، فليُتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.

https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fjamkirann%2Fposts%2F4210024812453144&show_text=true&width=500