#روى السيّد رضي الشيرازي، عن جدّه الميرزا علي أغا، عن والده المرجع الأعلى للطائفة الشيعيّة الميرزا الشيرازي الكبير (1815ـ1894م) قصّة تكشف لنا عن مأساة قابعة في العقل الفقهي الشيعي المعاصر؛ جرّاء تمسكّه الأكثر من الّلازم بالنصوص الروائيّة التي فرضتها استحقاقات زمانيّة ومكانيّة خاصّة، وها نحن ندفع “ثمن التمسّك بإطلاقها” حتّى هذه الّلحظة، ولا ندري متى نتحرّر من هذه الأسارات؟!
#جاء في القصّة: “في آخر يوم من أيام شهر رمضان كان جدّي الميرزا الشيرازي الكبير عائداً للتوّ من جانب نهر دجلة في سامراء، فأخبروه بأن الشيعة لم يروا الهلال، لكنّ جمع من أهل السنّة يدّعون الرؤية، فقال لهم: أجلبوا أهل السنة لنستمع إلى شهادتهم برؤيته، وبعد أن جاؤوا وتثبّت من وثاقتهم حكم بثبوت الهلال، وكان لهذا الفعل آثار إيجابيّة في الأوساط السنّيّة… فاعترض عليه نجله الميرزا علي أغا وقال له: حسب المباني الفقهيّة التي طرحتموها فإنّكم تشترطون في شهادة الشاهد أن يكون شيعيّاً، فهل تغيّر مبناكم؟! فأجابه الميرزا الشيرازي: كلّا لم يتغيّر، ولكنّي رأيت الهلال بأمّ عيني ليلة البارحة، وإنّما قمت بذلك لكي أحبّبهم بنا فقط!! [حوار رضي الشيرازي مع مجلّة الحوزة الفارسيّة، العدد (50ـ51).
#أقول: رغم إن أغلب الفقهاء المعاصرين يعرفون جيّداً إن كثيراً من مبانيهم الفقهيّة التي استخرجوها من “فهمهم المؤدلج” للنصوص الروائيّة باتت غير قادرة على توفير الحدّ الأدنى من شروط السلامة والتعايش لأبناء نفس المذهب الواحد فضلاً عن غيرهم، بل أضحت بعيدة عن مقاصد الدين الإسلاميّ بمسافات طويلة، إلا إنّهم لا زلوا متمسّكين بها، ويضيّعون عمر الطالب الحوزويّ سنوات طويلة في دراستها وتدريسها، ولكن حينما يصلون إلى مرحلة الإفتاء يضعون جلّها جانباً، ويوظفّون عشرات العناوين الثانويّة الأخرى للخلاص منها، كما في طريقة الميرزا الشيرازي الكبير!!