السيستاني: طلّاب حوزة قم ارستقراطيّون!!

في حديث له عن تفاصيل حوزة النجف والمدارس العلميّة فيها، تحدّث الشيخ جعفر النطنزي [وهو من حواريّ الأصوليّ المعروف محمد الروحاني المتوفّى سنة: (1997م) كما عرّفته المجلّة] عن شخصيّة السيّد السيستاني ودوره في الحفاظ على حوزة النجف بعد عامّ: (2003م)، وفي هذا السياق نقل قصّة تكشف عن مدى اهتمام السيّد السيستاني وحرصه على هيكليّة هذه الحوزة وترابيّتها فقال ما ترجمته:
«أبدى لي السيّد السيستاني قلقه وتخوفه من أن تُسهم النزعة الارستقراطيّة لدى الطلّاب العائدين من حوزة قم في إفساد الجو في حوزة النجف [!!!]؛ وقد حاولت [أي النطنزي] أن أبدّد له هذا الخوف بنحو من الأنحاء فقلت: إن هذه [الرفعة] والارستقراطيّة إنّما كانت في تلك الأيام التي كنّا نشرب الماء فيها عن طريق القِربَ [التي تُصنع من جلود الغنم والضأن]؛…، أمّا اليوم فإن الوضع في إيران ليس كما تتصوّر؛ فإن مستوى معيشة طلاب الحوزة فيها أقل من مستوى معيشة عموم الناس، وقد تبدّلت الأمور في هذا البلد، وأضحت كثيراً منها متعارفة… لكنّه بقي خائفاً أيضاً…».مجلّة “شهر قانون” الناطقة بالّلغة الفارسيّة، العدد: (11)، ص (41).
أقول: ليس لديّ شكّ في إن لأساتذة حوزة قم ـ على مستوى الخارج والسطح ـ دوراً كبيراً في إنعاش الوضع العلميّ لحوزة النجف والارتقاء به نحو الأفضل بعد عام: (2003م)، ولولا جهود “بعض” طلّاب المرحوم محمد باقر الصدر ومتابعي مدرسته لما حصل في حوزة النجف هذا التوجّه الدرسي المتميّز والحضور الفعّال، لكن المؤسف إن الحوزة النجفيّة استطاعت برؤية قبليّة وتخطيط مدروس أن تستغل التقاطعات الكبيرة بين هؤلاء الأساتذة وطموحات بعضهم غير المشروعة في قناعاتها لإجبارهم على الاندماج في سياقاتها المتداولة، ليختفي ـ وللأسف الشديد أيضاً ـ كلّ ذلك البريق الإصلاحيّ الذي كان يشعّ من عيون بعضهم حينما كانوا في حوزة قمّ، بل سخّر بعضهم جلّ طاقاته للدفاع والمنافحة عن بعض السياقات النجفيّة الخاطئة تحت مسمّى: “التقيّة البرغماتيّة المكثّفة”، وفضّل بعضهم الابتعاد والنأي بالنفس حتّى يكشف الله تعالى أمراً، والله من وراء القصد.