الخمس حقّ شخصي كما يرى الخوئي!!

3 يناير 2017
1410
ميثاق العسر

#إذا لم تتعقّل فكرة “تدريجيّة الأحكام” كمبرّر يفسّر لك سبب عدم مبادرة النبيّ الأكرم “ص” لإرسال الجباة والوكلاء لاستلام الخمس الشيعي وخلوّ نصوصه ونصوص أولاده الطّاهرين منه حتّى ما يقرب من قرن ونصف من رحيله، أقول إذا لم تتعقّل ذلك: سيطرح لك المرحوم الخوئي جواباً آخر ربّما يكون أكثر واقعيّة إذا ما قايسناه بالواقع المالي […]


#إذا لم تتعقّل فكرة “تدريجيّة الأحكام” كمبرّر يفسّر لك سبب عدم مبادرة النبيّ الأكرم “ص” لإرسال الجباة والوكلاء لاستلام الخمس الشيعي وخلوّ نصوصه ونصوص أولاده الطّاهرين منه حتّى ما يقرب من قرن ونصف من رحيله، أقول إذا لم تتعقّل ذلك: سيطرح لك المرحوم الخوئي جواباً آخر ربّما يكون أكثر واقعيّة إذا ما قايسناه بالواقع المالي المؤسف لكثير من المرجعيّات المعاصرة، حيث يرى “رحمه الله”:
#إنّ الذي دعا الرسول الكريم “ص للإحجام عن المطالبة بالخمس الشيعي بخلاف الزّكاة باعتبار إنّ الأوامر الربّانيّة قد ألزمته بضرورة أخذ الزّكاة؛ إذ نصّت الآية التي شرّعت هذه الفريضة: “خذ من أموالهم صدقة تُطهّرهم وتُزكّيهم…”، ومن الطّبيعي من باب المقدّمة: أن يُرسل جباةً أو وكلاء لاستلامها؛ لأنّ هذه الفريضة مُلك للفقراء وحقّ يُصرف في مصالح المسلمين، وبالتّالي فهو مأمور برعايتها واستيفائها.
#أمّا الخمس فحيث إنّه ملك شخصيّ له ولأقربائه أو أشبه بالملك الشخصي فلا فائدة فيه إلى عموم المسلمين، وبالتّالي فلم يؤمر “ص” في خصوصه إلّا بالتبليغ دون الأخذ، كما هو الحال في سائر الأحكام من الصّلاة والصيام، وعليه: فلم يكن هناك ثمّة باعث لنصب الجباة والوكلاء لاستلامه وأخذه، بل قد لا يناسب ذلك شأنه ومقامه وجلالته كما لا يخفى حسب تعبير المرحوم الخوئي. [مستند العروة الوثقى، الخمس: ص196].
#ومن حقّنا أن نطرح بعض الأسئلة ونترك جملة منها إلى القرّاء:
1ـ إذا كان الخمس الشيعي حقّاً شخصيّاً للرسول وأقربائه وأهل بيته وبالتّالي فمن غير المناسب لهم أن يطالبوا به فلماذا بادر الأئمّة المتوسّطون والمتأخرون “ع” لأخذه واستلامه ونصب الجباة والوكلاء لأخذه؟! وهل كان ذلك مناسباً لشأنهم ومقامهم وجلالتهم مثلاً؟!
2ـ ما هي الأسباب التي دعت الشريعة الإسلاميّة والتي لم تألُ نصوصها جهداً في تكريس المساواة والعدالة بين جميع طبقات المجتمع بغض النظر عن أحسابهم وأنسابهم أن تجعل ما نسبته: “20” بالمئة من أرباح تجارات حدّادي ونجّاري وبقّالي… المسلمين حقّاً شخصيّاً لرسول الإنسانيّة وأهل بيته والسّادة من نسبه وهي تعلم إن شخوص الإمامة “ع” سيغيبون عن الأمّة بعد ثلاثة قرون تقريباً، ويحير الشيعة وفقهاؤهم في مصرف هذا الخمس تتجاذبه التنظيرات الفقهيّة حتّى لحظة ظهوره “ع”؟! وهل ينسجم هذا مع قوله: إن أجري إلّا على الله، …لا أسألكم عليه من أجر إلّا المودّة في القربى؟!
3ـ إذا كان الأفق الفقهي للمرحوم الخوئي ومن تابع مدرسته ينظر للخمس الشيعي الذي يدفعه مساكين الشيعة من أقواتهم وتجاراتهم على إنّه ملك شخصيّ للرسول وأقربائه فمن الطبيعي أن تحصل هذه الانفلاتات المؤسفة في صرفه وتحليله من قبل المرجع تارة وجهاز الوكلاء المحيط به تارة أخرى؛ خصوصاً والروايات الصحيحة عندهم أكّدت على إن الإمام “ع” أحلّه وطيّبه لبعض وكلائه!!
#كلّ هذا يكشف عن إنّ الخمس الذي قرّرته الآية الكريمة يختصّ بغنائم دار الحرب المنقولة، وهو كما فهمه الخوئي حقّ شخصيّ للرسول وأقربائه “ع” كما إنّ بقيّة أجزاء الغنيمة ستوزّع على باقي المقاتلين في سياق تلك المعارك ذات المغانم المحدودة والمتواضعة، فلماذا نصرّ ـ في سياق المناكفة مع أهل السنّة ـ على تعميم الآية لتشمل الخمس الشيعي، ونحير بعد ذلك في إجابة الأسئلة الآنفة الذكر؟!
#ولهذا السبب ـ ولغيره أيضاً ـ لجأ بعض الفقهاء المعاصرين إلى الذّهاب إلى كون الخمس حقّ الإمارة والإمامة، وسنعود بعد ذلك لرؤية هل إن هذا القول هل ينسجم مع الذّهاب إلى عموم الآية أم مع من يختار اختصاصها، والله الهادي إلى سبيل الصواب.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...