#أوضحنا فيما تقدّم: إنّ الإشكال المعروف في الخمس الشيعي يمكن طرحه بمستويين:
#المستوى الأوّل: من خلال عدم تصدّي النبيّ “ص” والأئمّة “ع” من بعده حتّى عصر الأئمّة المتوسّطين “ع” للخمس الشّيعي وخلوّ نصوصهم منه نستكشف:
• إنّ آية الخمس المعروفة تختصّ بغنائم دار الحرب فقط.
#المستوى الثّاني: من خلال عدم تصدّي النبيّ “ص” والأئمّة “ع” من بعده حتّى عصر الأئمّة المتوسّطين “ع” للخمس الشّيعي وخلوّ نصوصهم نستكشف:
• عدم تشريع الخمس الشيعي في الشريعة الإسلاميّة بعنوان حكم تشريعي ثابت على حدّ وجوب الصّلاة والصّوم والزكاة…إلخ.
#والظّاهر إنّ عرض المرحوم الخوئي وإجاباته اختصّت بالإشكال بمستواه الثّاني فقط وكأنّه يريد أن يحاجج أهل السنّة والجّماعة المنكرين للخمس الشّيعي من الأصل، وقد تقدّم جوابان له وما يمكن ملاحظته عليهما، أمّا اليوم فسنتوقّف مع جواب آخر قدّمه المرحوم الخوئي يعبّر عنه باصطلاحهم بالنّقض، وطبيعة هذا النّوع من الأجوبة هي إنّها لا تحلّ الإشكال مباشرة بل توسّع دائرته، وعن طريق هذه التّوسعة تفتح نافذة لحلّه. أمّا خلاصة ما قاله الخوئي فيمكن تلخيصها ما يلي:
#إنّ نصوص أهل السنّة مجمعة على وجوب الخمس في الركاز أو الكنز وهو المال المدفون تحت الأرض وإن اختلفت الكلمات في تفسيره لاحقاً، ورغم هذا الوجوب القطعي إلّا إنّه لم يثبت إنّ الرّسول “ص” قد أرسل عمّالاً لاستلامه وأخذه من النّاس، وإذا كان الأمر كذلك فليكن الخمس الشيعي من هذا القبيل أيضاً؛ إذ نؤمن بثبوت وجوبه من خلال العموم أو الإطلاق في آية الخمس المعروفة، ومع هذا لم يرسل الرسول “ص” عمّالاً لجبايته وأخذه من النّاس، وعدم الارسال وعدم التّصدّي لا يدلّ على عدم الوجوب كما هو الحال في خمس الركاز أو الكنز. [مستند العروة الوثقى، الخمس: ص196].
#ولنا على هذا الكلام تعليقات عدّة نقتصر على بعضها بما يتناسب مع مستوى عموم المخاطبين:
1ـ إنّ هذا النّقض حتّى لو تمّ فهو لا يرد على الإشكال بمستواه الأوّل، أعني: من يجعل ظّاهرة عدم تصّدي الرّسول لجمع الخمس الشّيعي… دليلاً على اختصاص الآية بغنائم دار الحرب؛ فهذا الفريق لا مشكلة لديه بوجوب الخمس في الركاز والكنز؛ لأنّ يسلّم ويقبل ويؤمن بحكم ثبت وجوبه القطعي بالنّصوص النبويّة حتّى وإن لم يبادر الرّسول “ص” لإرسال عمّال لجبايته لأيّ سبب اتّفق.
2ـ كما إنّ هذا النقض لا يرد على الإشكال بمستواه الثّاني أيضاً، أعني من يجعل ظّاهرة عدم تصدّي الرّسول لجمع الخمس الشّيعي… دليلاً على عدم تشريع الخمس الشّيعي من البداية بعنوان حكم تشريعيّ ثابت كالصّلاة والصوّم والزّكاة…إلخ؛ نقول ذلك لسببين:
#السبب الأوّل: لا يمكن قياس ظاهرة الكنز النّادرة والشحيحة والقليلة جدّاً بالخمس الشّيعي المتوافر؛ فإنّ الأوّل لندرته وشحّته وقلّته لا يستوجب تشكيل جهاز لتجميعه، بينما الثّاني يتطلّب ذلك.
#السبب الثاني: من غير المعلوم أن يكون الخمس الّذي وضعه الرّسول “ص” على الكنز من قبيل الخمس القرآني في طبيعة الوجوب والمصرف أيضاً؛ بل قد يكون حكماً سلطانيّاً ولائيّاً اقتضته ظروف معيّنة شخّصها الرّسول الأكرم “ص”؛ خصوصاً وإنّ بعض نصوص هذا الخمس تُشعر بذلك حيث ورد التّعبير: “وقضى في الرّكاز الخمس”.
#وأخيراً: أتمنّى أن أكون قد وفّقت في إيضاح الإشكال الّذي طرحه المرحوم الخوئي بعبارات مبسّطة، وأوضحت ما يمكن إيراده عليه، ولا شكّ في إنّ الحديث في هذا الموضوع يستوجب دقّة وعمقاً وصياغات أكثر تخصّصيّة، لكنّ تبسيط الفكرة وإيضاحها اضطرّنا إلى الإيضاح تلو الإيضاح، وهي مهمّة وإن حملت بعض الإيجابيّات في التفهيم لكنّها لا تخلو من سلبيّات أيضاً والّتي نتمنّى على المختصّين أن يعذرونا عليها.