#المعروف بين أغلب الفقهاء المعاصرين وربّما بين عموم الشّيعة أيضاً: إنّ الخمس الشّيعي ينقسم إلى نصفين: نصف للإمام ونصف للسّادة، ومن الواضح: إنّ القسم الأكبر من أموال الخمس الشّيعي لمعظم المرجعيّات الرّاكزة يذهب كميزانيّة تشغيليّة لرواتب واحتياجات طلّاب الحوزة الشّهريّة بمختلف صنوفهم ومستوياتهم وطبقاتهم… ولا يذهب هذا المبلغ المالي الكبير ـ سواء أ كان نصف […]
#المعروف بين أغلب الفقهاء المعاصرين وربّما بين عموم الشّيعة أيضاً: إنّ الخمس الشّيعي ينقسم إلى نصفين: نصف للإمام ونصف للسّادة، ومن الواضح: إنّ القسم الأكبر من أموال الخمس الشّيعي لمعظم المرجعيّات الرّاكزة يذهب كميزانيّة تشغيليّة لرواتب واحتياجات طلّاب الحوزة الشّهريّة بمختلف صنوفهم ومستوياتهم وطبقاتهم… ولا يذهب هذا المبلغ المالي الكبير ـ سواء أ كان نصف الإمام أو نصف السّادة ـ إلى خصوص فقراء السّادة كما لا يخفى، ولكن احتار الفقهاء المتأخّرون في كيفيّة التّخريج الصناعي الفقهي لصرف حقّ السّادة إلى غير السّادة من طلّاب الحوزة العلميّة أو غير ذلك من احتياجات مرجعيّاتهم ومكاتبهم وبعثاتهم وطباعة مؤلفاتهم وتدشين مؤسّساتهم…إلخ من أمور معروفة؛ فطُرحت آليّات متنوّعة ووجهات نظر مختلفة في هذا الخصوص ساقتصر على أهمّها:
#الأولى: يُروى صحيحاً إنّ المرحوم السيّد أبو الحسن الأصفهاني “1861ـ1946م” كان لا يؤمن بهذا التّنصيف أصلاً؛ بل يأخذ الخمس بسهميه معاً، ويصرفه بالطّريقة الّتي يراها.
#وقد أشرنا فيما سبق من مقالات إلى مخاطر هذه الطّريقة وانعكاساتها السّلبيّة الغفيرة على بُنية المرجعيّة الشّيعيّة المعاصرة والّتي كان “رحمه الله” هو المؤسّس الأبرز لتشكيلاتها.
#الثّانية: كان مؤسّس حوزة قم المرحوم الشّيخ عبد الكريم الحائري “1859ـ1937م” يلتزم بهذا التنصيف، ولكنّه يدفع جميع نصف السّادة إلى طالب حوزة هاشمي فقير، ويأخذه منه بعد ذلك بعنوان هديّة ليعطيه إلى طلّاب الحوزة غير الهاشميّن، وقد تابعه على هذه الآليّة بعض الفقهاء المعاصرين أيضاً.
#ومن الواضح إنّ دفع جميع حقّ السّادة إلى سيّد فقير واحد إن كان من باب الفقر فما دُفع إليه أكبر من حاجته ربّما مئات المرّات، وإن كان من باب الولاية فالفقيه الدّافع أولى بأخذ هذا المال من هذا السيّد الفقير فما هو الحاجة لتطويل المسافة أصلاً؟!
#الثّالثة: ما التزم به بعض الفقهاء والمراجع المعاصرين من عدم سلامة هذا التّنصيف؛ بدعوى: إنّ الخمس حقّ الإمارة والإمامة والزّعامة والمرجعيّة، نعم من مصارفه فقراء السّادة، وعلى هذا الأساس فلم يوجد مانع لدى هذا الفريق من دفع الخمس بمجموعه إلى السّادة أو غيرهم وبالطّريقة الّتي يريدونها انسياقاً مع المصلحة الّتي يقدّرونها… ولهذا تجاوز هذا الفريق موضوعة الفقر في الأصناف الثّلاثة المشترطة في حقّ السّادة عمليّاً؛ لأنّهم ربطوا صرف الخمس بعنوان المصلحة لا الفقر؛ وبالتّالي: فإذا قدّروا المصلحة أن يُعطوا جميع الخمس إلى سيّد غنيّ فلا مشكلة في ذلك أيضاً.
#ومن المناسب أن نذكّر بنقاط سريعة وعابرة:
1ـ أوضحنا في دراسات سابقة عدم دخول الخمس الشّيعي في عموم أو إطلاق آية الخمس المعروفة، وبالتّالي فما ذكر من مصارف قرآنيّة للخمس لا يشمل هذا النّوع أصلاً، وعلينا مراجعة دليله الرّوائي لمعرفة طبيعة مصارفه.
2ـ لم يثبت بدليل لفظي ـ حسب المنهج المختار ـ صلاحيّة تقرير أحكام ولائيّة ماليّة مستمرّة للإمام بما هو إمام أصلاً لكي نؤمن بانتقال هذه الصّلاحيّة إلى الفقيه في عصر ما يُصطلح عليه بالغيبة الكبرى نصباً أو مآلاً، بل ثبتت مثل هذه الصّلاحيّة للإمام بما هو خليفة ووالي، نعم؛ ما زاد عن ذلك من استثناءات وضرورات فلا بدّ من تقديرها بقدرها وبالظّروف الّتي برّرتها أيضاً، وتفصيل ذلك في محلّه المناسب إن شاء الله تعالى.
#الخمس_الشّيعي .