الخمس الشيعي وإشكال الشرعيّة!!

3 يناير 2017
1469
ميثاق العسر

#ثمّة مشكلة كبيرة واجهت فقهاء الشيعة في كيفيّة ادراج الخمس الشيعي المتداول والمعروف تحت عموم الآية: “41” من سورة الأنفال والتي أوجبت الخمس في الغنائم؛ إذ إنّ من الواضح والمعروف والمشهور إنّ الغنيمة التي أشارت لها هذه الآية مختصّة بالغنائم التي يحصل عليها المسلمون في معاركهم وحروبهم لا ما يغنمه الإنسان من أرباح وتجارات ومكاسب […]


#ثمّة مشكلة كبيرة واجهت فقهاء الشيعة في كيفيّة ادراج الخمس الشيعي المتداول والمعروف تحت عموم الآية: “41” من سورة الأنفال والتي أوجبت الخمس في الغنائم؛ إذ إنّ من الواضح والمعروف والمشهور إنّ الغنيمة التي أشارت لها هذه الآية مختصّة بالغنائم التي يحصل عليها المسلمون في معاركهم وحروبهم لا ما يغنمه الإنسان من أرباح وتجارات ومكاسب والتي تترافق عادة مع تعبٍ ومشقّةٍ وعناء، كما لم يُعرف هذا الّلون من الخمس لا في زمن الرسول “ص” ولا في زمن الخلفاء والأئمّة من بعده حتّى عصر الصادقين “ع”، من هنا اضطر فقهاء الشيعة لسلوك طريقين في سبيل إثبات خمسهم قرآنيّاً:
#الطريق الأوّل: من خلال التمسّك بالعموم الّلغوي لمفردة الغنيمة، فقالوا: إنّ الغنيمة عند العرب لا تختصّ بغنائم دار الحرب، بل تشمل عموم الأرباح والمكاسب الحاصلة من دون مشقّة وتعب. وهذا الطريق مبتلى باشكالات كثيرة لا نجد المجال مناسباً لذكرها، كما إنّها خارجة عن موضوع البحث.
#الطريق الثّاني: من خلال التمسّك ببعض الروايات التي فسّرت الغنيمة بنحو تكون شاملة لأرباح المكاسب والفوائد…ومن خلال هذين الطّريقين قرّروا إنّ الخمس الشيعي المعروف داخل في عموم “ما غنمتم” الوارد في آية الخمس المعروفة.
#وفي سياق الطريق الثّاني ساقتصر على ذكر أهّم رواية استند إليها فقهاء الشيعة في هذا المجال لنرى حقيقة مضمونها، أعني الرواية ذات السند الأعلائيّ الصحيح والمعروفة عندهم بمكاتبة علي بن مهزيار الوكيل والثقة المعروف والتي رواها عن الإمام الجّواد “ع”، لكن هذه الرواية مبتلاة بإشكالات مضمونيّة كثيرة أجبرت بعض الفقهاء على التوقّف في قبولها، وحاول الأغلب توجيهها وتأويلها بطريقة تعسّفية غريبة؛ ليأخذوا منها الجزء الذي ينفعهم في تفسير الغنيمة القرآنيّة لتكون شاملة للخمس الشيعي، ويحصرون بقيّة أجزائها المشكلة بزمن الجّواد “ع” دون من يليه.
#وأمّا الاشكالات المضمونيّة في هذه الرواية أو المكاتبة فسنقتصر على ذكر بعضها وهي:
1ـ إنّ الرواية أو المكاتبة توجب على الشيعة دفع خمس الذّهب والفضّة الّذي عندهم، مع إنّه لا يجب فيهما إلّا الزكاة بالإجماع.
2ـ إنّ الرواية أو المكاتبة توجب على الشيعة أن يدفعوا خمس المال الذي يأخذونه ولا يجدون له صاحب، مع إنّ المشهور والمعروف بين الفقهاء هو لزوم التصدّق به؛ باعتباره لا يدخل في ملكيّة من وجده من الأساس أصلاً.
3ـ إن المعروف والمشهور عن الأئمّة “ع” كونهم خزنة العلم وحفظة الشرع يحكمون بما أودعه الرسول “ص” عندهم، فكيف يعبّر الإمام في الرواية أو المكاتبة قائلاً: “أوجبت في سنتي، ولم أوجب عليهم في كلّ عام”، وهي عبارات تدلّ على إنّه يحكم بما شاء واختار؟! خصوصاً وإن مشهور فقهاء الشيعة يرون إن الخمس الشيعي ليس حكماً ولائيّاً صدر من الأئمّة المتوسّطين والمتأخّرين لكي تصحّ مثل هذه الاستخدامات، بل ينصّون على كونه حكماً إلهيّاً قرآنيّاً على على حدّ وجوب الصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرهما من الأحكام الثّابتة.
#هذا والغريب إنّ رواي هذه الرواية ذات الإشكالات الكثيرة قد ذكر بأنّه طلب من الإمام الجّواد “ع” أن يوسّع عليه ويحلّ له ما في يده من أموال، فوافق الإمام على طلبه، قائلاً له حسب روايته: “وسّع الله عليك، ولمن سألت به التوسعة في أهلك، ولأهل بيتك، ولك يا علي عندي من أكبر التوسعة، وأنا أسأل اللّه أن يصحبك بالعافية ويقدمك على العافية ويسترك بالعافية انه سميع الدعاء» [الكشّي: ج2، ص826]، #ولست أدري: هل كانت هذه الأموال التي أحلّها له الإمام حسب المكاتبة من أخماس الذّهب والفضّة ومجهول المالك؟! أم هي من أرباح المكاسب والتّجارات التي كان يدفعها الشيعة إليه باعتباره وكيلاً للإمام؟!
#أقول: كلّ هذا يؤكّد على ضرورة إعادة النظر في تفسير حقيقة الخمس الشيعي وطبيعة وجوبه، بل وضرورة الابتعاد عن ظاهرة نحت الأدلّة الفقهيّة التي يُصار إليها بعد الوقوع عادة كما هو ظاهر ومعروف في الفقه الشيعي.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...