#ثمّة سياقات سببيّة ونسبيّة تحكم العلاقات العلويّة والفاطميّة في عصر ما يُصطلح عليه الخلافة الرّاشدة وما بعدها أجد من الضّروري تسليط الضّوء عليها بغية إدخال القارئ في السّياق الصّحيح لما نسعي إليه من إيضاحات حول آل الحسن “ع” ونظرتهم إلى الإمامة الإثني عشريّة؛ وذلك لأنّي اعتقد إنّ اكتشاف هذه السّياقات المغيّبة عمداً عن القارئ الشّيعي […]
#ثمّة سياقات سببيّة ونسبيّة تحكم العلاقات العلويّة والفاطميّة في عصر ما يُصطلح عليه الخلافة الرّاشدة وما بعدها أجد من الضّروري تسليط الضّوء عليها بغية إدخال القارئ في السّياق الصّحيح لما نسعي إليه من إيضاحات حول آل الحسن “ع” ونظرتهم إلى الإمامة الإثني عشريّة؛ وذلك لأنّي اعتقد إنّ اكتشاف هذه السّياقات المغيّبة عمداً عن القارئ الشّيعي سيجعله أمام حقائق جمّة لم يكن يتصوّرها بل ولم تخطر في ذهنه أصلاً جرّاء سطوة المقولات الكلاميّة والمنبريّة والعاطفيّة والمذهبيّة.
#كان هناك صحابيّ شاعر اسمه زبّان بن سيار الفزاري عاش قبيل الإسلام وتزوّج مليكة بنت خارجة المزنيّة، ولمّا مات زبّان تزوّج ابنهُ منظورٌ مليكةَ زوجة أبيه فولدت له هشاماً وعبد الجّبار وخولة وتماضر أو قهطم على قول، وفي أيّام أبي بكر أو عمر بن الخطّاب فُرّق بينهم؛ لأنّ هذا الّلون من النّكاح لا يقبله الإسلام ويُعبّر عنه قرآنيّاً بنكاح المقت. [سورة النّساء، الآية: 22]، وللقصّة تفاصيل يمكن العودة إليها في الكتب المعنيّة بهذا الأمر.
#وبعد التّفريق بينهما يقال: إنّ طلحة بن عبيد الله الصّحابيّ المعروف تزوّج مليكة وزوّج في نفس الوقت ابنه محمد من بنتها خولة فولدت له ـ أعني لمحمد ـ إبراهيم وداود وأم القاسم، وحينما قُتل محمد في معركة الجّمل تزوّج الحسن بن عليّ بن أبي طالب “ع” من خولة ويبدو إنّ الأمر كان بمساعي وجهود زوج أختها تماضر وهو: عبد الله بن الزّبير في قصّة معروفة نقلها بعض المؤرّخين وولدت له حسناً بعدها، وهو الحسن المثنّى الّذي تنحصر سلالة الحسن المجتبى الحاليّة به “ع”.
#كما كان لطلحة بن عبيد الله ـ أعني الصّحابي المعروف الآنف الذّكر ـ بنت من أحدى زوجاته المسماة بالجرباء والّتي سمّيت بذلك لشدّة جمالها، واسم البنت: أم إسحاق، وقد تزوّجها الحسن بن عليّ بن أبي طالب “ع”وخلّف منها ولداً اسمه طلحة ويُسمّى طلحة الخير أيضاً، وبعد شهادة الحسن “ع” تزوّج أمّ إسحاق أخوه الحسين بن عليّ بن أبي طالب “ع” فولدت له فاطمة بنت الحسين “ع”؛ وبعد شهادة الحسين بن عليّ “ع” تزوّج أمّ إسحاق عبد الله بن محمد بن عبد الرّحمن بن أبي بكر المعروف بابن أبي عتيق فولدت له: آمنة؛ فجدّ فاطمة بنت الحسين “ع” لإمّها هو: طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشّرين بالجنّة عندهم، وأخوها لإمّها هو: طلحة بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب “ع” والّذي رحل ولم يعقّب، وأختها لإمّها: آمنة بنت عبد الله بن محمد بن عبد الرّحمن بن أبي بكر [الخليفة الأوّل]. [نسب قريش: ص50].
#وفي أواخر أيّام حياة الحسين بن عليّ بن أبي طالب “ع” يبدو إنّه قد زوّج أو سمّى بنته فاطمة لابن أخيه الحسن المثنّى، ويُقال بأنّ الأخير حضر في واقعة كربلاء وأُسر وقيل بأنّه قاتل وجُرح فيها أيضاً، فانتزعه أحد أخواله من الأسرى وهو إسماء بن خارجة الفزاري فعالجه حتّى شُفي [الإرشاد: ج2، ص25]، وقد أنجب الحسن المثنّى وعقيلته فاطمة: عبد الله المحض والحسن المثلّث وإبراهيم الغمر وأم كلثوم وزينب.
#سنتابع في القادم من المقالات نظير هذه السّياقات؛ لأنّ هذه السّياقات ضرورة مؤكّدة في فهم الأفق العامّ الّذي كان يحكم الإمامة في تلك الفترة؛ وكيف إنّ من كان جدّهم المباشر الحسن بن عليّ “ع” من طرف الأب والحسين بن علي “ع” من طرف الأم ينظرون للإمامة نظرة مختلفة لا تقترب من الإمامة الإثني عشريّة لا من قريب ولا من بعيد، ولماذا غاب عنهم الّلوح الإثنا عشريّ المنسوب لجابر ولم يروه طيلة حياتهم فترقّب.