الإضافات الطّائفيّة لزواج فاطمة بنت الحسين “ع”!!

2 يناير 2018
1618
ميثاق العسر

#يعتبر كتاب “المجديّ في أنساب الطّالبيّين” لمصنّفه المعاصر للشّيخ الطّوسي: الشّريف عليّ بن محمد العمري ـ نسبة إلى جدّه عمر بن عليّ بن أبي طالب “ع” ـ من أهمّ كتب الأنساب المعتبرة لدى الطّائفة الشّيعيّة الإثني عشريّة؛ بحيث إنّ نسّابة معاصراً كالمرحوم المرعشي النّجفي ينصّ في تعريفه على إنّه: من أجلّة علماء الأنساب، وإنّ «كتابه […]


#يعتبر كتاب “المجديّ في أنساب الطّالبيّين” لمصنّفه المعاصر للشّيخ الطّوسي: الشّريف عليّ بن محمد العمري ـ نسبة إلى جدّه عمر بن عليّ بن أبي طالب “ع” ـ من أهمّ كتب الأنساب المعتبرة لدى الطّائفة الشّيعيّة الإثني عشريّة؛ بحيث إنّ نسّابة معاصراً كالمرحوم المرعشي النّجفي ينصّ في تعريفه على إنّه: من أجلّة علماء الأنساب، وإنّ «كتابه المجدي من المستندات المشهورات بين علمائنا، اعتمدوا عليه واستندوا إليه مع قلّة نسخه المخطوطة بحيث لم يزرها إلّا القليل» [المجدي: ص6]. وكلمات مدحه والثّناء عليه كثيرة جدّاً لا حاجة لطرحها بعد أن اختزلتها عبارة المرعشي الآنفة الذّكر لكنّا سننقل ـ تتميماً للفائدة ـ عبارة المرحوم ابن طاووس من كتابه الإقبال حيث قال: «إنّ عليّ بن محمد العمري “تغمّده الله بغفرانه” أفضل علماء الأنساب في زمانه» [الإقبال: ج2، ص658].
#إذا عرفت ذلك تعال معي لنقرأ معاً نصّاً ورد في كتاب المجدي يتعلّق بقصّة زواج فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” من ابن عمّها الحسن بن الحسن المجتبى “ع” المعروف بالمثنّى والّتي تُلقي الضّوء على حقيقة تلك المرحلة التأسيسيّة في المنظومة الإثني عشريّة حيث قال: «وأمّا فاطمة فخرجت إلى ابن عمّها الحسن المثنّى، فأولدها ثلاثة كالغصون، فلمّا احتضر قال لها: يا ابنة عمّ، لك بعدي المال والولد ما يكفيك، فاحذري الأزواج، فإن فعلت فإيّاك أن تتزوّجي عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان؛ فإنّه عدوّي، وأبوه عدوّ أبي، وجدّه عدوّ جدّي، وقبيلته عدوّة قبيلتي. فلمّا مات الحسن “رحمه الله” راسلها عبد الله واختلف النّاس في ذلك واتّفقوا على إنّها تزوّجته، وأولدها محمد بن عبد الله بن عمرو العثمانيّ الملقّب: الدّيباج، فلمّا قيل لها في ذلك قالت: “ما كنت بغياً وما كان الحسن نبيّاً”» [المجدي: ص281]، وكأنّها تُشير إلى قوله تعالى: «يا أخت هارون ما كان أبوك أمرأ سوء وما كانت أمّك بغياً؛ وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً». [مريم: 28؛ الأحزاب: 53].
#أقول: أنا لا أدري لماذا يحذّر الحسن المثنّى زوجته فاطمة من الأزواج بعده والمفروض إنّه ديّن ورع خصوصاً وإنّ سيرة أبيه وعمّه في هذا الموضوع خلاف ذلك تماماً؟! ولا أدري أيضاً: ما هي المناسبة الّتي تدعو الحسن المثنّى إلى تحذير زوجته فاطمة من الارتباط بعبد الله بن عمرو بعد وفاته، فهل كان يعلم إنّ هذا الرّجل كانت عينه على زوجته في حياته مثلاً وكان يتوقّع إنّه بمجرّد أن يتوفّى سوف يبادر المنهيّ عنه إلى خطبتها والاقتران بها بغضاً له وحنقاً عليه ونكاية به؟! أو إنّها نبوّءة وقراءة مستقبليّة غيبيّة؟!
#ربّما تكون أمثال هذه الحكايات ـ بصيغتها ومرتكزاتها الطّائفيّة الآنفة الذّكر ـ تأتي في سياق المساعي الإثني عشريّة البعديّة الرّامية إلى إذكاء الاحتراب الطّائفي بين الفريقين في أيّام الدّولة البويهيّة، خصوصاً وإنّ أصل هذه الحكاية الّتي جاءت في كتاب نسب قريش ـ كما نقلنا سابقاً ـ خالية من ذكر سبب نهي المثنّى عن هذا الزّواج كما جاء في هذه الصّيغة من بيان: إنّ عبد الله وأباه وجدّه من أعداء أهل البيت “ع” فلا ينبغي لك يا فاطمة أن تتزوّجي به، لكنّ فاطمة خالفت هذه التّوجّهات وتزوّجته!!
#نعم؛ من يقرأ السّجالات الشّيعيّة الإثني عشريّة الحادّة في أيّام الدّولة البويهيّة حول زواج عمر بن الخطّاب من بنت عليّ بن أبي طالب “ع” سيصدّق بما قرّرناه آنفاً؛ حيث رأى هؤلاء إنّ الإيمان بطبيعيّة هذا الزّواج وأضرابه يفضي إلى نقض جميع الغزل المذهبي الطّائفيّ الّذي أسّسوا له بل نُقل خروج معزّ الدّولة البويهي من التّشيّع في آخر حياته بسبب معرفته ذلك، ومن هنا فلا مشكلة لديهم في إضافة مفردات للحيلولة دون وقوع هذا المحذور حتّى وإن قدحت في دين وورع وتقوى فاطمة بنت الحسين الشّهيد “ع” ما دامت هي أمّ الحسنيّة لا الحسينيّة، وبالتّالي فلا تمسّ الأرحام المطهّرة الّتي تحدّثت عنها الزّيارات المتأخّرة باعتبارها وعاءً للإمامة الإثني عشريّة، فتأمل إن كنت من أهله.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...