الأستاذ الثّبوتي والأستاذ الإثباتي!!

6 فبراير 2018
1478
ميثاق العسر

#في الحوزة نوعان من الأساتذة يحرص بعض الطلّاب ممّن يفكّر في مستقبله الحوزويّ على الجمع بينهما ويقتصر آخرون ـ غفلة أو عقيدة ـ على أحدهما، ويُصطلح على الأوّل بـ “الأستاذ الثّبوتي” وعلى الثّاني بـ “الأستاذ الإثباتي”، ويُعنى من الأوّل: الأستاذ الّذي يُسهم حضورك عنده بتطوير قابليّاتك ومهاراتك، وتعليمك أصول الصّنعة وقواعدها، والإصغاء إلى إشكالاتك واعتراضاتك […]


#في الحوزة نوعان من الأساتذة يحرص بعض الطلّاب ممّن يفكّر في مستقبله الحوزويّ على الجمع بينهما ويقتصر آخرون ـ غفلة أو عقيدة ـ على أحدهما، ويُصطلح على الأوّل بـ “الأستاذ الثّبوتي” وعلى الثّاني بـ “الأستاذ الإثباتي”، ويُعنى من الأوّل: الأستاذ الّذي يُسهم حضورك عنده بتطوير قابليّاتك ومهاراتك، وتعليمك أصول الصّنعة وقواعدها، والإصغاء إلى إشكالاتك واعتراضاتك على اختلاف في نسب هذه الأمور من أستاذ إلى آخر؛ ويُعنى من الثّاني: الأستاذ الّذي تحضر عنده لا لغرض تطوير قابليّاتك ومهاراتك، ولا لتعليمك أصول الصّنعة وقواعدها، كما لا يمنحك وقتاً واهتماماً خاصّاً للإصغاء إلى إشكالاتك واعتراضاتك، بل كلّ همّك من الحضور عنده هو أن يُدرج بعد ذلك ضمن قائمة أساتذتك؛ وذلك لأنّ درس هذا الأستاذ ـ نظراً لكبر سنّه ومرجعيّته وما شابه ذلك من عناوين ـ يمتلك رصيداً كبيراً في الوسط الحوزويّ والشّيعي الإثني عشري؛ وحينما يُكتب في سيرتك الذّاتيّة بأنّك حضرت درس فلان مرجع فإنّ هذا الأمر يعطي لك مكانة حوزويّة ومجتمعيّة كبيرة.
#والمؤسف: إنّ معظم حضّار دروس المراجع الشّيبة الكبار في النّجف وقم من الصّنف الثّاني، أي إنّهم يحضرون عندهم لغرض أن تُسجّل اسماء هؤلاء المراجع في قائمة أساتذته لزيادة الاعتبار والمكانة الحاضرة والمستقبليّة، وربّما يطمح بعضهم للحصول على اعتراف من هذه الشّيبة أو تلك… وعليه: فلا يغرّنك قراءتك السّير الذّاتيّة لبعضهم من حضوره درس فلان أو فلان من المراجع الكبار ما لم يعمّد ذلك بالقلم النّابه والتدريس العميق؛ فإنّ دروس البحث الخارج لهؤلاء المراجع أشبه بالمضيف العشائري شرعة لكلّ وارد دون حسيب أو رقيب، بل شاهدنا ورأينا كيف إنّ بعض من يجهل الّلغة الفارسيّة يحضر دروس بعض المراجع بالّلغة الفارسيّة انسياقاً مع هذه السُنّة الحوزويّة سيّئة الصّيت… #نعم؛ لا أنكر إنّ هناك تمرّداً على هذا الواقع المرّ المبنيّ على أساس طبقيّة حوزويّة مقيتة لم ينزل الله بها من سلطان؛ لكن هذا التّمرد يبقى في دائرة ضيّقة جدّاً وسباحة ضدّ التّيار… أسأل الله تعالى أن يوفّق الجّيل الحوزويّ الجّديد إلى تجاوز مثل هذه السُنن السيئة واحترام كلّ لحظة من لحظات أعمارهم الّتي لا تعوّض، وعدم التّفريط بها بحضور دروس لا ينتفعون منها سوى التّكرار والاجترار، والله من وراء القصد.


تنطلق إجابات المركز من رؤية مقاصدية للدين، لا تجعله طلسماً مطلقاً لا يفهمه أحد من البشرية التي جاء من أجلها، ولا تميّعه بطريقةٍ تتجافى مع مبادئه وأطره وأهدافه... تضع مصادره بين أيديها مستلّةً فهماً عقلانياً ممنهجاً... لتثير بذلك دفائن العقول...