#تصوّر لو إنّ وجيهاً سيّداً منوّر الوجه وكيلاً للمرجعيّة في زمانه أرسله أهل منطقته إلى النّجف مثلاً لمعرفة المرجع الّلاحق بعد وفاة المرجع الأعلى آنذاك، فعاد إليهم بعد أيّام والنّاس متخوّفة متوجّسة أن لا تكون أعمالها في هذه الأيّام خالية من المنجّز والمعذّر الشّرعي حيث إنّ عمل العامي بلا تقليد أو احتياط باطل كما يقولون… فأخبرهم: إنّ المرجع الأعلى الحالي الّذي ينبغي عليكم تقليده والامتثال لأوامره هو: فلان؛ وحينما سألوه عن أعلميّته أخبرهم: لقد دخل عليه فضلاء الحوزة وأساتذتها فسألوه ثلاثين ألف سؤال في مجلس واحد فأجابهن جميعاً وهو لا زال في عمر الشّباب!! فقبّلت النّاس يده ولعنت كلّ من خالفه ولم يدفع له الحقوق الشّرعيّة!!
#نعم؛ يبدو إنّ هذا ما حصل بالفعل بعد رحيل الإمام الرّضا “ع” إلى ربّه من قبل بعض الرّواة في بعض المناطق؛ فقد روى الكليني بأسناد معتبر عندهم: إنّ قوماً من أهل النّواحي استأذنوا في الدّخول على الجّواد “ع” فأذن لهم، فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة [!!!] فأجاب “ع” وله عشر سنين. [الكافي: ج1، ص496].
#وقد بذل المحدّث المجلسي جهوداً جبّارة في سبيل طرح تصوّر معقول لهذه الرّواية بعد أن قرّر عدم معقوليّتها؛ إذ نصّ على إنّنا لو قصرنا النّظر على الأسئلة فقط حيث لا مجال للبُعد الغيبي في طرحها وقلنا: إنّ كلّ سؤال عبارة عن خمسين حرف فقط لكن مجموع هذا العدد المهول من الأسئلة عبارة عن ثلاث ختمات قرآن، وهل يُعقل أن يُختم القرآن كاملاً في مجلس واحد ثلاث مرّات؟! ومن هنا اضطرّ إلى طرح احتمالات في تفسيرها هي أقرب للتّكلّفات. [مرآة العقول: ج6، ص104].
#أجل؛ ما لم نرجع إلى قراءة مرحلة الأئمّة المتأخّرين “ع” بشكل علميّ وناضج ودقيق ومجرّد سنبقى نلوك بهذه الرّوايات ونبذل الجّهود في سبيل تفسيرها وطرح الاحتمالات المعقولة في تبريرها دون مراجعة لعقولنا؛ وسنبقى نصرّ على ضرورة ترحيل أيّ سؤال مُقلق في هذا الخصوص إلى مرحلة قادمة لأنّ طرحها ليس من مصلحة المذهب كما يقولون، ولا أدري متى تأتي هذه المرحلة وإلى الله المصير.