#من الأخطاء المنبريّة الشّائعة والّتي تُستخدم لاستدرار عواطف النّاس كثيراً هي دعوى: إنّ أمّ البنين طلبت من عليّ بن أبي طالب “ع” أن لا يناديها باسمها فاطمة؛ لكي لا تجرح مشاعر الحسنين “ع” حيث يتذكّران أمّهم فاطمة بنت محمد “ع”؛ وآية هذا الخطأ أو الوهم: أنّ أمّ البنين ليس كنية لأمّ العباس “ع” وأخوته كما هو شائع، وإنّما هو اسمها كما هو صريح عموم كتب الأنساب والتّراجم المعتبرة [راجع على سبيل المثال: جمهرة النّسب: ص31؛ نسب قريش: ص43؛ الإرشاد: ج1، ص354؛ رجال الطّوسي: ص102؛ المجدي: ص15؛ الأصيلي: ص328].
#نعم؛ المؤسف إنّ رجاليّاً معاصراً كالمرحوم عبد الله المامقاني المتوفّى سنة: “1932م” نصّ في ترجمتها قائلاً: «أمّ البنين الكلابيّة هي: فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر…» [تنقيح المقال: ج3، الكنى: ص70؛ أعيان الشّيعة: ج3، ص475]، وهذا الأمر من الغرائب؛ إذ علّق المرحوم الشّوشتري المتوفّى سنة: “1995م” على كلامه قائلاً: «ثمّ تسمية المصنّف لها بفاطمة لم أدر إلى أيّ شيء استند، فلم يذكر الزبيري والطبري والأصبهاني والعمدة والمفيد لها اسماً، بل ظاهرهم أنّ امّ البنين اسمها»، وقال في مكان آخر: «وأمّا اسمها: فلم يذكر الزبيري والقتيبي والطبري والاصبهاني والمفيد والطوسي اسماً لها غير “أمّ البنين”، ولم أدر من أين قال [المامقاني]: اسمها فاطمة؟!» [قاموس الرّجال: ج12، ص196؛ ج6، ص27ـ28].
#لا شكّ في إنّ ما تقدّم وأضرابه يقع في سياق مشاريع تعميق الصّور النّمطيّة المثاليّة المرسومة في أذهاننا عن رموزنا ومقدّسينا، ونحن لا نضايق من ممارسة أصل هذه المشاريع طالما لم توظّف في تزييف حاضر وعينا ومستقبله، لكن أن نجعل مثل هذه الصّور كمرتكزات صالحة لاشتقاق توثيقات رجاليّة أو مقولات عقائديّة فهذا ما لا يُستساغ بحال من الأحوال، والله من وراء القصد.