#روى الكليني بإسناده عن الحسن بن الجّهم بن بكير بن أعين القول: «كنت مع أبي الحسن [الرّضا] “ع” جالساً فدعا بابنه [الجّواد “ع”] وهو صغير فأجلسه في حجري، وقال لي: جرّده وأنزع قميصه فنزعته، فقال: لي أنظر بين كتفيه؟ قال [الرّاوي]: فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبه الخاتم داخل اللحم [!!]، ثم قال لي [الرّضا “ع”]: أ ترى هذا مثله في هذا الموضع كان من أبي [الكاظم] “ع”» [الكافي: ج1، ص321؛ الإرشاد: ج2، ص278].
#وقد علّق المحدّث المجلسي على هذه الرّواية العجيبة الغريبة قائلاً: «ظاهره أنّ للإمام أيضاً علامة في جسده تدل على إمامته “ع” كخاتم النبوة، ويحتمل اختصاصها بالإمامين [الكاظم والجّواد] “ع”». [بحار الأنوار: ج25، ص120].
#ولي في المقام تعليقان وتذكير:
#التّعليق الأوّل: أ لم يكن الأجدر بالرّاوي أن يوجّه للإمام الرّضا “ع” هذا الاعتراض فيقول: إذا كان لأبيك الكاظم “ع” هذه العلامة في كتفه فلماذا لم يظهرها أمام عمّي عبد الله بن بكير الّذي آمن بإمامة عمّك الأفطح؟! أ لم يكن الأجدر بأبيك الكاظم “ع” أن يُظهر هذه العلامة الحاسمة الّتي ستخرس الألسن أمام خُلّص أصحاب أبيه ليخرجهم من حيرتهم وضلالهم إلى أن أنقذهم الله بموت عبد الله بعد سبعين يوماً؟!
#التّعليق الثّاني: إنّ هذه الأمور وأضرابها تؤكّد على إنّ أمثال هذه النّصوص وظّفت لاحقاً في سياق ما اصطلحنا عليه بإمامة ما بعد الوقوع، وقد مُرّرت هذه النّصوص بطريقة احترافيّة عمّقت في الوعي الشّيعي أمثال هذه الأساطير حتّى النّخاع بحيث يصعب اقتلاعها إلّا بقدرة قادر.
#وأمّا التّذكير: فعلينا أن نذكّر بالنّقطة السّيّالة الّتي تؤكّد عليها بحوثنا: إنّ الضّعف السّندي لهذه الرّواية لا يضرّ بموطن الاستناد إليها فيما نحن فيه على الإطلاق؛ لأنّنا لا نريد أن نثبت حكماً فقهيّاً أو عقائديّاً منها لنواجه باعتراض عدم استيفاء الخبر على شروط الحجيّة، بل نريد الاستناد إلى هذه الرّواية باعتبارها مجسّاً هامّاً يكشف عن أفق تلك المرحلة الّتي حكمت المحدّثين وهم يرومون التأصيل لقواعد المذهب؛ فإذا كان أكبر محدّثي الشّيعة وهو الكليني يضع هذه الرّواية في كتابه بل ربّما يؤمن بها أيضاً فهذا يعني إنّ الإمام في أفقه يتحمّل مثل هذه الأمور وزيادة أيضاً.