إنّ استنباط الأحكام الشرعيّة كمقولةٍ اجتهاديّة حوزويّة معاصرة لا يمكن أن ينطلق من ملاحظة الأدلّة بمفردها، وإنّما يُستنبط الحكم السليم من خلال ملاحظة مجموع الأدلّة والمقايسة فيما بينها، وبعد الكسر والانكسار والترجيح يأتي الحكم المناسب، ومن هنا عاب كثير من الفقهاء على ابن الجنيد الاسكافي [وهو من أعلام القرن الرابع الهجري] تفرّده في بعض الأحكام […]
إنّ استنباط الأحكام الشرعيّة كمقولةٍ اجتهاديّة حوزويّة معاصرة لا يمكن أن ينطلق من ملاحظة الأدلّة بمفردها، وإنّما يُستنبط الحكم السليم من خلال ملاحظة مجموع الأدلّة والمقايسة فيما بينها، وبعد الكسر والانكسار والترجيح يأتي الحكم المناسب، ومن هنا عاب كثير من الفقهاء على ابن الجنيد الاسكافي [وهو من أعلام القرن الرابع الهجري] تفرّده في بعض الأحكام الفقهيّة؛ حيث نصّوا على إنّ هذه الأحكام ـ بغض النظر عن حقّانيّة كلامهم ـ لم تلحظ النصوص الروائيّة كمجموع، وإنّما وقعت يد صاحبها ـ ويقصدون ابن الجنيد ـ على رواية واحدة فأفتى على أساسها، أمّا اليوم وقد أضحت جميع النصوص الروائيّة في متناول اليد فلا يمكن الحكم بسلامة مثل هذا الإفتاء.
#والظّاهر: إن بعض المعاصرين يريد أن يمارس نفس هذه المهمّة الاجتزائيّة في خصوص ما يُسمّى الشعائر الحسينيّة بعرضها العريض أيضاً؛ إذ نراه يقرأ النصوص الحاثّة على زيارة الحسين “ع” وإحياء أمره بمعزلٍ عن محكمات النصوص القرآنيّة ومسلّمات النصوص الروائيّة الأخرى، ويريد أن يستظهر انفلاتها وتمرّدها على جميع تلك المحكمات والمقاصد، وهو استظهار ينطلق من الحالة السايكلوجيّة والسوسيولوجيّة الضاغطة على الباحث، ولو قُدّر لهذا الباحث أن يعيش بعيداً عن هذه الضغوط لرأيناه كيف يموضع تلك الروايات في مكانها المناسب، من هنا نتمّنى على الحوزة الكريمة أن توفّر الأجواء المناسبة للباحثين كي لا تمرّر على الأمّة فتاوى من هذا القبيل، والله الهادي إلى سبيل الصواب.