#من الظّريف إنّ السيّد السّيستاني “حفظه الله” رغم ما يُنسب إليه من كونه من دعاة الدّولة المدنيّة والمواطنة، ويحثّ في بياناته على ضرورة توزيع الثّروات بشكل عادل ومتساوٍ بين أبناء البلد الواحد دون تّحيّز طائفيّ أو دينيّ، لكنّك حينما ترجع إلى رسالته العمليّة الّتي كتبها لعموم مقلّديه تجدّ تنصيصه على ما يناقض ذلك تماماً، وعلى سبيل المثال ـ والأمثلة كثيرة ـ نورد ما يلي:
#نصّ السيّد السّيستاني على إنّ المعادن مطلقاً تُعدّ من الأنفال المملوكة للإمام “ع”، وربط جواز استخراج المعادن الباطنة وملكيّتها بحكم نفس الأرض الّتي وجدت هذه المعادن فيها؛ فجاءت أحكامها عنده بالنّحو التّالي:
#الأوّل: إذا كانت الأرض مملوكة ملكيّة خاصّة فاحتاط بضرورة تراضي مستخرج المعدن مع صاحب الأرض بصلح أو نحوه، وإن لم يتراضيا فليرجعا إلى مرجع التّقليد في حسم النّزاع بينهما، ولا أدري كيف سيحلّه مثلاً؟!
#الثّاني: إذا كانت الأرض التي اُستخرج المعدن منها من الأرض المفتوحة عنوة والّتي هي ملك للمسلمين حصراً فاستظهر السّيستاني أن يكون جواز استخراجه منوطاً بإذن وليّ المسلمين ويدخل في ملكيّته بعده، لكن عليه دفع خمسه أيضاً.
#الثّالث: إذا كانت الأرض الّتي اُستخرج المعدن منها من الأراضي المصطلح عليها بالأنفال والّتي هي مملوكة للإمام عندهم فلا حاجة حينئذ إلى الاستئذان من أحد للاستخراج، بل هو جائز لجميع المؤمنين وركّز لي على هذا الوصف، فإذا استخرجه أحد وجب فيه الخمس ويكون الباقي له. [منهاج الصّالحين، السّيستاني: ج1، ص338].
#وعلى أساس الفتوى الّتي قرّرها السّيستاني للنّحو الثّالث من المعادن أقول:
إذا عدنا إلى ما هو الثّابت تاريخيّاً من كون البصرة من الأراضي الّتي أحياها المسلمون بعد الفتح والّتي مُصّرت على يد القائد عتبة بن غزوان في أيّام الخليفة الثّاني عمر بن الخطّاب فستكون وفقاً لفتوى السّيستاني من الأنفال المملوكة للإمام “ع”، وعلى هذا الأساس فسيكون جواز استخراج المعادن من هذه الأرض مختصّاً بالشّيعة الإثني عشريّة حصراً دون غيرهم من المسلمين فضلاً عن غير المسلمين، لكن عليهم أن يدفعوا خمس المعدن الّذي استخرجوه إلى مرجع تقليدهم ويتملّكون الباقي!
#وفي ضوء هذا الإيضاح: فلو جاءت شركة شيعيّة إثنا عشريّة تُقلّد السيّد السّيستاني وأحيت أرضاً في شمال البصرة مثلاً وقامت باستخراج النّفط منها؛ فالحكم الأوّلي لدى سماحة المرجع الأعلى للطّائفة الإثني عشريّة المعاصر هو حليّة ذلك، وما على أصحابها سوى دفع خمسه إليه أو إلى وكلائه لكي يتملّكون الباقي، لكن من حسن الطّالع إنّ السّيستاني قيّد جواز الاستخراج الأوّلي بالمهرب الدّائميّ الّذي يستخدمه الفقهاء وهو عدم طروء عنوان ثانويّ يمنع ذلك، لكن المشكلة العميقة الّتي تعاني منها مثل هذه التّقييدات هي في تشخيص من هو الّذي يحدّد هذا العنوان الثّانويّ؟! وهل يستوي في تحديد ثبوته الخارجيّ الفقيه والمقلِّد على حدّ سواء وبالتّالي يخرج عن كونه تقليديّاً، أم إنّ الأمر ليس كذلك؟!
#وكيف كان، فإنّ ما أردنا التّنبيه إليه من خلال هذه الإثارات وأضرابها هو: إنّ الفقه الشّيعيّ الإثني عشريّ يعاني من أزمات عميقة وبالغة جدّاً في خصوص فقه الدّولة المعاصرة وبنائها، وسبب ذلك تسمّره أمام مقولة الإمامة الإلهيّة الإثني عشريّة بعرضها العريض، ولهذا تجد فقهاءهم ومراجع تقليدهم يكتبون في رسائلهم العمليّة شيئاً ويخالفون ذلك عمليّاً وإعلاميّاً؛ لأنّهم يرون إنّ ما كتبوه يصلح للقرون الوسطى وما قبلها أيضاً، لكنّهم مصرّون على ذلك ويصرفون ملايين الدّنانير السّنويّة المأخوذة من مقلّديهم في سبيل تشييده وتوسعته وتركيزه وتعميقه، مع إنّ خير دليل على بطلان الملزومات بطلان الّلوازم، ولكنّهم يعلمون تماماً: إنّ الالتزام بما تقرّره هذه المقولة يعني الإجهاز على معظم العناوين الّتي فرضوها لأنفسهم، والتّالي باطل فلا بدّ أن يكون المقدّم مثله أيضاً، والله من وراء القصد.
#ميثاق_العسر
#مرجعيّات_مجهول_المالك
#الإمامة_الإثنا_عشريّة